محمود الجندي
وليد عباس.. رجل إطفاء الحرائق في وزارة الإسكان
تركة ثقيلة مليئة بالألغام ورثها الدكتور وليد عباس بتعيينه مشرفاً على مكتب وزير الإسكان الدكتور عاصم الجزار، حيث جاء التعيين في توقيت بالغ الحرج وسط همهمات حول خطورة هذا المنصب وأهميته وفداحة ما جرى من خلاله في السنوات الأربع الأخيرة.
وخلال الشهرين الماضيين تعرض "عباس" لاختبارات كبرى وهو يتلمس طريقة في إدارة ناجحة لهذا المنصب -وقد نجح فيها جميعاً- وكان الاختبار الأول هو تحمله مسؤولية منصب حساس فجأة دون سابق استعداد بل ودون سابق إنذار بعدما بات منصب المشرف على قطاع مكتب الوزير شاغراً بين ليلة وضحاها.
ثم الاختبار الثاني، هو كيف سيتعامل مع وضع كان مستقراً وأفرز مراكز نفوذ داخل قطاع مكتب الوزير ثم انقلب الحال إلى وضع مغاير تماما بتولي عباس مقاليد الأمور، وهو الشخص القادم من الجناح الأخر للوزارة "هيئة المجتمعات" والتي لم تجري العادة أن يترشح أحداً منها لشغل هذا المنصب، بل كان هناك حرص دائم مؤخراً على وضع مسافة بين مسؤولي الوزارة والهيئة في شغل المناصب الهامة داخل الديوان العام، بل وفرض سطوة بغير داع على هيئة المجتمعات وأجهزتها.
الاختبار الثالث، كان في تولي عباس مهام "رجل الإطفاء" فبات مطالباً بإزالة الألغام ونزع فتيل التوتر ونجح في إطفاء أغلب الحرائق التي أشعلها مسؤولي هذا المنصب قبل رحيلهم، بعدما حولوا هذا المنصب خلال السنوات الماضية لمنصة إطلاق صواريخ انتقامية في كل الاتجاهات، لم تستثني أحداً وأصابت نيرانها كبار القيادات ورؤساء أجهزة مدن وشباب المهندسين وسائقين وموظفين وأفراد الخدمات المعاونة، فلم يسلم أحد من الأذى، حيث أدير المنصب باحترافية غير مسبوقة في الشر والعدوانية.
وحسناً ما فعل "عباس" عقب تولية مهام قطاع مكتب الوزير، بالاجتماع الفوري بالعاملين وإذابة جبل الجليد ورد المظالم وما أكثرها، وهو ما أشاع حالة من الارتياح لدى غالبية أبناء الوزارة وهيئة المجتمعات، لسببين أولهما على مستوى سير العمل حيث وجود مهندس متخصص وناجح في التخطيط والمشروعات يسهل كثيراً من سير العمل على مستوى الوزارة وأجهزتها، بعكس وجود شخص غير متخصص أو محدود الفكر والرؤية أو بلا رؤية أساسا في موقع بهذه الحساسية.
السبب الثاني، أن التنسيق بين الهيئة والوزارة سيكون في أعلى درجاته فمن يدير الوزارة يده لا تزال في الهيئة وهو ما سيلمس المتعاملون مع الوزارة تأثيره الإيجابي خلال الفترة القليلة المقبلة، بجانب قدرة عباس على التعامل مع المستثمرين والمواطنين على حد سواء وهي ميزة افتقرها من سبقه في هذا المنصب حيث كان الباب مفتوحاً لأصحاب الحظوة والنفوذ فقط.
مهمة عباس شاقة لكنها ضرورية لإعادة تنشيط كافة ملفات وزارة الإسكان، والجميع يلحظ الجولات المكثفة للدكتور وليد عباس في المدن الجديدة خلال الأسابيع القليلة الماضية، والتفاعل المباشر والحقيقي مع مشكلات المواطنين ومتطلبات المستثمرين، وهي جولات حقيقية من "لحم ودم" بعكس الجولات المصطنعة التي عاشتها الوزارة وعاناها الجميع خلال السنوات الكبيسة.